تاريخ البارسا
في
28 نوفمبر 1899، انشأ هانز جامبر نادي برشلونة بمشاركة 8 أفراد آخرون
عاشقون للعبة كرة القدم التي لم تكن معروفة بالشكل الكبير في هذا الجزء من
العالم في هذا الوقت.
لم يكن جامبر يعرف حينها حجم هذه المبادرة التي اتخذها والي أي مدي ستتطور في المستقبل.
فعلي
مدار أكثر من قرن، عظم قدر نادي برشلونة في جميع الأنحاء وتطور إلي ما هو
ابعد من نادي للرياضة حتى تحول شعار النادي " أكثر من مجرد نادي" إلي
حقيقة.
لقد تحول البارسا بالنسبة إلي الملايين حول العالم إلي رمز في
شخصيتهم، ليس علي المستوي الرياضي فقط، بل علي مستوي المجتمع والسياسة
والثقافة أيضا.
فخلال أحلك الأوقات، كان البارسا هو الراية التي تمثل
إقليم كتالونيا ورغبة الكتالونيين في الحرية، وحتى هذه اللحظة يحافظ
النادي العريق على هذه القيمة.
ففي داخل اسبانيا، ينظر إلي برشلونة
كنادي انفتاحي وديمقراطي. أما حول العالم، فينظر له كنادي يهتم بالرعاية
خصوصا بالأطفال وذلك من خلال اتفاقية الرعاية الموقعة مع اليونيسيف.
لقرن
كامل، مر نادي برشلونة بلحظات من الفرح وأخري من الألم، فترات من النجاح
وأخري من الفشل، لحظات من الانتصارات البطولية وأخري من الهزائم المذلة.
ولكن كل هذه اللحظات المختلفة المشاعر ساعدت في تكوين شخصية نادي يعتبر
فريدا في العالم طبقا لطبيعته الخاصة.
في خلال أكثر من قرن من الزمان، مرت العديد من الفترات المختلفة علي النادي علي المستوي الاجتماعي والرياضي أيضا.
ففي السنوات الأولي وبالتحديد ما بين 1899 و1922نشأة
النادي إلي بناء إستاد لي كورتس، كان علي برشلونة أن يميز نفسه عن بقية
فرق كرة القدم الاسبانية جميعا للنقطة التي يتمكن من خلالها تمثيل مدينة
برشلونة ككل.
لم يمضي وقت طويل حتى تمكن برشلونة من أن يصبح أفضل فريق كرة قدم في كتالونيا، كما تمكن من تنمية شعور الشخصية الكتالونية في داخله.
قرر
رجل الأعمال هانز جامبر (المولود في وينترثر 22 نوفمبر 1877) أن ينشيء
نادي رياضي في مدينة برشلونة لينشر إعلان في إحدى الجرائد المحلية
الرياضية بتاريخ 22 أكتوبر لعام 1899 يطلب من خلاله لاعبين للمشاركة
بالفريق.
كان جامبر – المعروف في برشلونة بإسم خوان – قد انتقل إلى
العاصمة الكتالونية في عام 1898 من أجل أغراض متعلقة بأعماله، ليقيم أول
اجتماع خاص بالنادي بعد شهر واحد فقط من نشر إعلانه، أي في التاسع
والعشرين من شهر نوفمبر لنفس العام.
وشهد هذا الاجتماع التاريخي حضور
كل من جوالتيري وايلد، لويس دوسو، بارتوميو تيراداس، أوتو كونزلي، أوتو
مايير، إنريك دوكال، بيري كابوت، كارلوس بويول، جوزيف ليوبت، جون بارسونس،
وويليام بارسونس. ونص هذا الاجتماع على تعيين الانجليزي جوالتيري رئيسا
للنادي إلى جانب كونه أفضل اللاعبين الموجودين بالفريق.
الزيّ الأولالشعار الأول للناديفي
بادئ الأمر استخدم النادي نفس شعار مدينة برشلونة للإظهار التضامن
والانتماء للمدينة إلى أن تم تغييره في عام 1910 عندما قرر مجلس الإدارة
أن النادي بحاجة إلى شعار خاص به، مما دعا إلى تنظيم مسابقة لاختيار أفضل
الشعارات بها لتصبح رمزا للنادي الكتالوني ولا يزال مصمم الشعار مجهول
الهوية حتى الآن.
المباراة الأولىأول
مباراة للبارسا كانت أمام فريق مكون من لاعبين انجليز منفيين من بلادهم،
وتمكن الفريق الانجليزي الذي ضم بعض لاعبي البارسا من الفوز بهدف واحد
مقابل لا شيء.
الملعب الأولعندما
كانت إدارة البارسا تبحث عن ملعب جديد، كان الفريق يقيم مبارياته في ملعب
فندق "كازانوفاس" في عام 1900، وفندق "كارتيرا" في عام 1901، وفندق
"الكارير مونتانير في عام 1905، ثم ملعب كارير إنداستريا الذي كان أول
ملعب يمتلكه فريق برشلونة بسعة 6,000 فرد ليتم افتتاحه يوم الرابع عشر من
مارس لعام 1909 الذي بدأ فيه النادي بالصعود وحصد البطولات كبطولة كوبا
ماكايا في موسم 1901-02 والبطولات الكتالونية في موسمي 1904-05 و1908-09.
وحقق
النادي بطولات أخرى بعد افتتاح الملعب، ليحصد البطولة الكتالونية في مواسم
1909-10 و1910-11 و1912-13 و1915-16 و1918-19 و1919-20 و1920-21 و1921-22
بالإضافة إلى البطولات الأسبانية لمواسم 1909-10 و1911-12 و1912-13
و1919-20 و1921-22، ليكون في تلك المواسم قاعدة عريضة من المجتمعات
الرياضية.
جون جامبر، مؤسس الناديولد
جامبر في الثاني والعشرين من نوفمبر لعام 1877 في مدينة وينترثور بسويسرا
وكان مهتما ببعض الرياضات منها العدو وركوب الدراجات وكرة القدم وقبل كل
ذلك كان قد أسس نادي زيوريخ (FC Zurich).
وطأت أقدام جامبر أرض برشلونة
عندما كان عمره 20 عاما وبدأ يختلط ويقيم العلاقات مع المهتمين بكرة القدم
خاصة والرياضة عامة بالمدينة، وبدأ في جمع التبرعات لإقامة نادي برشلونة.
كان
جامبر لاعبا جيدا حيث استطاع إحراز 49 هدفا لفريقه من أصل 88 في عام 1901
حيث استمر للعب بالبارسا إلى عام 1903 ثم أصبح رئيسا للنادي في عام 1908
لأول مرة كي ينقذ البارسا من الفناء.
استمر جامبر في رئاسة النادي لخمس
مرات متتالية حتى عام 1925 عندما تم إقصائه من منصبه بأمر من ديكتاتور
بريم ودي ريفيرا الذي كان يفضل نادي ريال مدريد عن النادي الكتالوني، ثم
يأتي عام 1930 ليشهد تدهورا كبيرا في أعمال جامبر، الأمر الذي أدى إلى
انتحاره.
أما في فترة ما بين بناء إستاد لي كورتسفي عام 1922 حتى بناء إستاد كامب نو في عام 1957،فترات متباينة. فعضويته وصلت إلي الرقم 10 ألاف للمرة الأولي،بينما تمكنت كرة القدم في التطور إلي ظاهرة والتحول إلي الاحترافية.
وشهدت هذه السنوات ظهور أكثر من أسطورة مثل الكانتارا وساميتير.
ولكن
بسبب المصاعب السياسة التي واكبت الحرب الأهلية في اسبانيا وما خلفته، شهد
النادي ظروف اضطرارية معاكسة منها اغتيال الرئيس جوسيب صنيول في عام 1936
والأخير هو الذي نشر شعار " الرياضة والمواطنة".
وعلي الرغم من كل ذلك،
تمكن النادي من المواصلة خلال فترة من التعافي الاجتماعي والرياضي والتي
نتج عنها تشييد إستاد كامب نو تبعها وصول لاعب ذو تأثير كبير في تاريخ
النادي وهو لاديسلو كوبالا.
تم افتتاح إستاد لا كورت في عام 1922 ليكون شاهدا على الفترة الذهبية في تاريخ البارسا في الفترة من 1919 إلى 1929.
وشهدت
هذه الحقبة الرائعة من تاريخ النادي الأزمة التي وقعت في الثلاثينات من
القرن الماضي عندما تم إغلاق الإستاد عن طريق الحاكم الفاشي بريم ودي
ريفيرا، كما تم استخدام إستاد لا كورت كمعسكر حربي.
ولكن إستاد لا كورت
كان شاهد على واحدة من أزهى الفترات في تاريخ البارسا وفي فترة " الخمس
كئوس" والتي كانت السبب في زيادة عدد أعضاء النادي من 20 ألف عضو في عام
1944 إلى 30 ألف عضو في عام 1950.
ويمكن اعتبار الفترة من 1919 إلى
1929 هي الفترة الذهبية في تاريخ نادينا حيث ظهر خلال هذه الفترة مجموعة
من اللاعبين أصحاب المهارات العالية واللذين تمكنوا بفضل مهاراتهم من
كتابة الأحرف الأولى في تاريخ البارسا، وضمت هذه المجموعة من اللاعبين كلا
من سميتير وألكنترا وزمورا وسج وبيرا وسنش.
وفي يوم 20 مايو 1922 تم
افتتاح ملعب لاكورت الجديد والذي عرف فيما بعد بكاتدرائية كرة القدم وكان
يسع عند افتتاحه لـ 30 ألف متفرج، وتضاعفت سعته بعد ذلك إلى 60 ألف.
واستطاع البارسا تحقيق اللقب الأول له في بطولة الدوري الاسباني في موسم
29-1928، وهو الفوز الذي جاء تتويجا لفترة مليئة بالبطولات في تاريخ
النادي، حيث حقق البارسا بطولة إقليم كتالونيا في مواسم 25-1924 و26-1925
و27-1926 و27-1928 والدوري الأسباني في مواسم 25-1924 و26-1925 و27-1928
وجاء الفوز الأخير بعد مباراتين مع ريال سوسيداد تألق خلالهما الحارس
فرانز بلاتكو.
وعلى
الرغم من الازدهار التي شهده النادي في فترة العشرينات إلا أن النادي عانى
أوقات عصيبة في حقبة الثلاثينات نتيجة المشاكل السياسية التي تميزت بها
فترة حكم الديكتاتور رفيرا والتي قامت خلالها الحكومة بإغلاق إستاد
البارسا لمدة 6 شهور، وتم تقليصها بعد ذلك إلى 3 شهور فقط. كما تم إجبار
السيد جامبر على الاستقالة من رئاسة البارسا في 14 يونيو 1925.
وبعد
خمس سنوات وفي 30 يوليو 1930 توفى مؤسس البارسا ودخل النادي في فترة من
أصعب الفترات على مر تاريخه بسبب عدم الاستقرار السياسي في البلاد والذي
تسبب في مشاكل مادية واجتماعية للبارسا تمثلت في تقلص عدد أعضاء النادي
على الرغم من حصول الفريق في هذه الفترة على بطولة كتالونيا في أكثر من
موسم، إلا أن التوفيق لم يحالف الفريق في الفوز بالبطولة الأسبانية.
وبعد
شهر من اندلاع الحرب الأهلية في البلاد اغتيل رئيس البارسا جوسيب سونيل
ولكن لحسن الحظ أن فريق الكرة كان في جولة في المكسيك والولايات المتحدة
كما قام الفاشيين في يوم 16 مارس 1938 بقذف قنبلة على النادي الاجتماعي
للبارسا وهو ما أحدث خسائر كبيرة بالنادي كما تعرض النادي لمشكلة حقيقية
بعد هذه الأحداث بشهور قليلة حيث احتل الفاشيين النادي وهو ما أدى إلى قلة
عدد أعضاء النادي إلى حوالي 3 ألاف عضو فقط حيث كان البارسا يمثل النادي
الوطني للإقليم كتالونيا.
وفي
مارس من عام 1940 ومع تولي ماركوس دي لاميسا دي استا الموالي للحكم
الفرنسي الرئاسة تم تغيير اسم النادي من الاسم الإنجليزي إلى اسم يعتمد
أكثر على اللغة الاسبانية كما تم تقليل الخطوط التي تمثل علم اقليم
كتالونيا على زى الفريق من 4 خطوط على خطين فقط.
وخلال فترة
الأربعينيات من القرن الماضي استطاع النادي الخروج من الأزمة التي تسببت
في عزل الفريق على الرغم من حصوله على لقب كأس اسبانيا في عام 1942. كما
شهد الموسم التالي المباراة الشهيرة ضد الريال والتي شهدت تهديد حكم
اللقاء والشرطة إلى جانب المشجع الفاشي بينيرو للاعبي البارسا، ومع عودة
الانتصارات للبارسا في مواسم 45-1944 و48-47 و49-48 التي حقق خلالها
الفريق ألقاب الدوري إلى جانب لقب الكأس اللاتيني، استطاع النادي طي صفحة
مشاكل الفترة السابقة.
واحتفل النادي بالعيد الخمسين على تأسيسه في عام
1949 وهو الوقت الذي وصل فيه عدد أعداد النادي إلى 24 ألف عضو كما وصل عدد
البطولات آنذاك إلى 21 بطولة كتالونية و9 كؤوس اسبانية و4 بطولات دوري.
ومع
انضمام لاديسلو كوبالا لصفوف الفريق بدأت فترة جديدة من البطولات للبارسا
على ملعب لا كورت حيث تمكن البارسا من تحقيق جميع البطولات في الفترة من
1951 إلى 1953 بدأً بلقبي الدوري في موسمي 52-51 و53-52 والكأس في نفس
الموسمين وفي موسم 52-1951 تمكن النادي من تحقيق الخماسية بالفوز بالدوري
الاسباني والكأس إلى جانب الكأس اللاتيني وانتصاري ايفا دوارت ومارتن روسي
وذلك بقيادة خط هجوم الفريق الذي كان يضم كلا من باسورا وسيزار وكوبالا
ومورينو إلى جانب مانشون.
أما الفترة ما بين بناء إستاد كامب نو في عام 1957 حتى احتفال النادي بمرور 75 عاما علي إنشائه في عام 1974، عاني البارسا من تحقيقه لنتائج متوسطة ولكنه وقف أمامها ككيان واحد.
خلال هذه الفترة، استمر عدد أعضاء النادي النادي في الزيادة بالرغم من أن تعافي النادي من المحنة لم يتحقق بالشكل السريع.
ولأول
مرة في تاريخ النادي وكبرهان علي شعار "أكثر من مجرد نادي" والذي صرح به
الرئيس نارسيس دي كاريراس، تمكن مجلس الإدارة برئاسة اجوستي مونتال من
الحصول علي خدمات لاعب من شانه أن يغير تاريخ النادي وهو يوهان كرويف.
ملعب
كامب نو – صرح لم يسبق له مثيل من حيث المستوى المعماري الفريد من نوعه،
والذي حقق بدوره دعما اقتصاديا أضخم بكثير مما كان متوقعا.
يرجع تأسيس ملعب كامب نو لأسباب عديدة، منها عمل مقرا جديدا لفريق ينضج يوما بعد يوم، وجماهير تتزايد بتزايد شهرة النادي.
وبالرغم
من الانجازات القليلة للفريق، إلا أن عدد مشجعي النادي كان في تزايد
مستمر، الأمر الذي أضفى على النادي المزيد من الصبغة الاجتماعية التي
لازالت مرتبطة به حتى الآن. وظهر ذلك عندما تولى ناركيس دي كاريراس رئاسة
النادي الكتالوني عام 1968، والذي ابتكر عبارة أصبحت شعارا للنادي حتى
وقتنا هذا وهي " أكثر من مجرد نادي".
وأصبح
النادي مرتبطا بالمشاعر المؤيدة للثقافة الكتالونية والمعارضة لعصر فرانكو
في إقليم كتالونيا، مما ساهم بشكل كبير في تأثر النادي بالمجتمع المحلي
وارتباطه القوي بالعالم الثقافي. وبعد انضمام النجم الهولندي يوهان كرويف
للفريق، حصل البارسا على بطولة الدوري عام 1973-1974 وارتبطت بالذكرى
السنوية الـ75 للنادي مما قرب أكثر بينه وبين جماهيره بالرغم من القيود
التي لازالت مفروضة في عصر فرانشيسكو فرانكو.
وفي أواخر عام 1940، أصبح
من الواضح أن ملعب لي كورتس لم يعد يسع فريق برشلونة، لذا سعى النادي
بجدية لشراء موقع جديد. ويعتبر فرانشيسك ميرو سانز- الذي تولى رئاسة
النادي عام 1953- من أكثر الأشخاص مساهمة في هذا المشروع. وبالفعل تم
افتتاح ملعب كامب نو في 24 من سبتمبر 1957، وهو يعتبر من أكبر ملاعب
العالم لكرة القدم، إذ يتسع لما يزيد عن 90 ألف متفرج من ضمنهم 49 ألف من
أعضاء النادي. وكانت هذه هي بداية المرحلة الجديدة للفريق الذي يعد الكثير
بتحقيق آماله وذلك بعد فوزه بنهائي الكأس لعام 1957 على ملعب مونتخويك.
كما
استطاع النادي الفوز ببطولة الدوري لموسمي 1958-59 و 1959-60 وكأس فيرس
لموسمي 1957-1958 و1959 – 60, في ظل وجود المدرب الأسطوري هيلينيو هيريرا
الذي امتلك مجموعة من النجوم أمثال كوكسيس وكزيبور وإيفاريستو وكوبالا
وأيولوجيو ومارتينيز وسواريز وفيلافيردي وأوليفيلا وجينسانا وسيجارا
وجراشيا وفيرجيز وتيجادا. ولكن لسوء الحظ لم تستمر هذه الكوكبة من النجوم
حتى الستينيات. بل جاءت خسارة نهائي الكأس الأوروبي بداية لفترة عانى فيها
النادي من قلة الألقاب، حيث لم يحصل برشلونة سوى على كأس إسبانيا مرتين
وكأس فيرس مرة واحدة.
وبالرغم من قلة حصول النادي على الألقاب في تلك
الفترة، إلا أن القبول الاجتماعي للنادي في كاتالونيا بدأ يزداد كما ازداد
عائده المادي. وعندما أصبح ناكريس دي كاريراس رئيسا للنادي الكتالوني قام
بإلقاء خطابه الشهير في يناير 1968 أعلن فيه أن البارسا "أكثر من مجرد
نادي".
وبعد
ذلك ترأس النادي أوجستي مونتالي كوستا (1969-1977)، وحمل هذا الشعار على
الأعناق للتعريف بهوية النادي الكتالوني على الرغم من القيود التي فرضتها
ديكتاتورية فرانكو والحرب ضد ديمقراطية كرة القدم مما أدى إلى نشوب بعض
التحديات والمواجهات مع القيادات الرياضية التابعة لفرانكو.
وظل
التعاقد مع اللاعبين الأجانب أمرا مثيرا للجدل في تلك الفترة منذ وقوع
حادثة دي ستيفانو الشهيرة. كما عانى البارسا من الطبيعة الاستبدادية
للقيادات الرياضية، فقد تم تحديد قبول اللاعب بشرط كون والديه أسبانيان.
ولكن عندما انضم كرويف لصفوف الفريق في 28 من أكتوبر 1973، حصل برشلونة
على بطولة الدوري هذا العام، وخلالها اكتسح مضيفه ريال مدريد بخمسة أهداف
دون مقابل بفضل مهاجميه ريكساتش واسينسي وكرويف وستويل ومارشيال. وكان
كرويف واحدا من أعظم لاعبي هذا الجيل الجديد فضلا عن وجود مدرب كفء وإعلام
ضخم مساند.
ومن المفارقات الجميلة، حصل النادي على بطولة الدوري عام
1973-74 مع الذكرى السنوية الـ75 له في خريف عام 74، حيث قام الرسام خوان
ميرو بتصميم ملصق رائع خاص بهذا الحدث، وبدأت الاحتفالات في الشوارع من
خلال تظاهرات جميلة اشترك فيها الفنانون والكتاب والمطربون وبعض الشخصيات
التي تمثل الجوانب الفعالة للمجتمع الكتالوني يظهر فيها معنى حب الناس
الحقيقي للبارسا. وبالصدفة كانت هناك أغنية "كانت ديل بارسا" لـسانت خوردي
خوار سجلت حينذاك والتي أصبحت بعد ذلك النشيد الرسمي للنادي.
من مرور 75 عام علي إنشاء النادي حتى الحصول علي الكأس الأوروبية في عام 1992شهد برشلونة تحول أندية كرة القدم إلي الديموقراطية، بداية الرئاسة
الطويلة لجوسيب لويس نونيز، توسيع إستاد كامب نو لمناسبتي كاس العالم 1982
والفوز بكاس الكؤوس الأوروبية في بازل عام 1979، نجاح كبير ليس علي
المستوي الرياضي فقط بل الاجتماعي أيضا، حملات ومظاهرات كثيرة ومنظمة من
قبل مشجعي برشلونة في أوروبا من اجل وحدة برشلونة وأعلام كتالونيا.
وعاد
كرويف مرة آخري لبرشلونة ولكن هذه المرة كمدرب وصنع ما اسماه العالم
"بفريق الأحلام" في الفترة ما بين 1990 و1994 والذي تمكن من الفوز بالكأس
الأوروبية في عام 1992 في إستاد ويمبلي بهدف كويمان الشهير.
مع
احتفال نادي برشلونة بمرور 75 عاما على تأسيسه، بات من الواضح ما ينتظر
البارسا من نجاح وأصبح تأثيره على المجتمع الكتالوني ملموس في الوقت الذي
كانت حياة المدنيين فيه متأثرة بالظروف السياسية في ظل الحكم الديكتاتوري
في ذلك الوقت.
وكان لدخول نظام الديمقراطية أثر كبيرا على أكثر من صعيد
بجانب السياسي مثل الصعيد الرياضي. فنادي برشلونة أصبح يدار بشكل
ديمقراطي، بالإضافة إلي الاتحادات الرياضية التي اتبعت سياسة الديمقراطية.
ولعبت الحكومة دورا كبيرا في تدعيم الديمقراطية في الإقليم الكتالوني وفي
اسبانيا كلها.
وكان اوجوستي أحد رؤساء برشلونة السابقين هو أول من
انتهج الديمقراطية كسياسة لإدارة النادي حتى أقيمت أول انتخابات لرئاسة
النادي، وكان لويس نونيز هو من فاز بيها وعين كرئيس للنادي وامضي أطول
فترة كرئيس لبرشلونة في تاريخ النادي.
وشاهدت كرة القدم تطورا كبيرا
آنذاك، حيث تعاقد النادي مع لاعبين أجانب وشاهد الجانب الاقتصادي للرياضة
ازدهارا كبيرا. ومن ضمن أسباب ازدهار الاقتصاد للرياضي في ذلك الوقت ما
كان يعرف باسم (الدخل الغير تقليدي) الذي كان يتضمن حقوق بث المباريات.
انتخابات عام 1978بعد
مرور عدة سنوات بدون وجود انتخابات حرة، استطاع أعضاء النادي أن يختاروا
رئيسهم بأنفسهم. وكانت نتيجة الانتخابات متقاربة إلي حد كبير بين المرشحين
الثالثة وهم جوسيب لويس نونيز الذي حصل على 10,352 صوت، وفيران ارينو الذي
حصل على 9,537 صوت ونيكالو كازوس الذي حصل على 6,202 صوت. وكان من المقرر
أن يبقى نونيز في منصب الرئاسة حتى عام 2000.
مشجعين البارسا وتدفقهم لبسلكان
عام 1979 هاما بالنسبة لبرشلونة حيث فاز خلاله بكأس أبطال الكؤوس في بسل،
ولكن كان هناك ما هو أكثر إبهارا من الفوز بالكأس وهو حضور 30,000 مشجع في
المباراة من أجل دعم الفريق الكتالوني. وكان هذا هو أكبر كم من جماهير
البارسا يجمعون في مكان واحد بهذا الشكل الرائع.
وعقب المباراة شهدت
طرق مدينة برشلونة ومدن كتالونية أخرى احتفالات غير مسبوقة. وفاز برشلونة
بهذا الكأس مرتين ثانيتين في عامي 1982 و1989.
إزدهار النادي الكتالونيظل
النادي الكتالوني يزدهر طوال ذلك الوقت، وكان به 66,000 عضوا في عام 1974،
وأرتفع عدد الأعضاء إلي 77,000 مع حلول عام 1978. ومع عام 1992، بلغ أعضاء
برشلونة 98 عضو. وجديرا بالذكر أن عدد الأعضاء في النادي كان قد وصل إلي
108,000 عضو في عام 1986.
نحبك يا يوروتيغاب
لقب الدوري عن برشلونة لفترة طويلة حتى موسم 1984 – 1985، حين استطاع
البارسا الفوز به في فالادوليد قبل انتهاء الدوري بأربعة مباريات.
وفاز
البارسا بلقب الدوري حين تصدى يوروتي لضربة جزاء في الدقيقة الأخيرة
لينتزع الفريق الكتالوني لقب البطولة. وأظهر المعلق الرياضي جواكيم مدى
تأثره بتلك اللحظة التاريخية حيث صرخ "أحبك يا يوروتي"،وأصبحت هذه جملة
متعارف عليها فيما بعد. وضم الفريق الكتالوني هذا العام العديد من العظماء
مثل خولوا البيرتو وميجويلي وارشيبالد وكابتن الفريق اليكسانكو.
فريق الأحلام عقب
نشوة الانتصار، اصب برشلونة بإحباط كبير بعد أن خسر نهائي الكأس الأوروبي
عام 1986. وعقب تلك الهزيمة بقليل لحق بالنادي الكتالوني بعض الاضطرابات
خلال الفترة التي تولى فيها هيسبيريا مونتيني رئاسة النادي،ـ حيث قدم
اللاعبين طلبا بإقالة مجلس إدارة النادي.
وكان مديرين النادي يسعون
لإيجاد طريقة يستطيعون من خلالها أن يعيدوا الفريق إلي الطريق الصحيح،
ونجحوا بالفعل بعدما عين خوان كريف الذي اتبع سياسة جديدة من خلالها
استطاع أن يعيد بناء فريق الكرة. وما فعله هو تشكيل فريق جديد يتمتع بروح
الفوز- وهو ما عرف باسم فريق الأحلام - واستطاع أن يحقق نجاحات متتالية
أبرزها فوز برشلونة بلقب الدوري أربعة مرات متتالية (1991 – 1994)
بالإضافة إلي أول كأس أوروبي.
20 مايو 1992.. يوم لا ينسىفاز
برشلونة بكأس أوروبا لأول مرة يوم 20 مايو 1992 في استعاد ويمبلي في لندن
بعد أن هزم سامبادوريا بهدف نظيف عن طريق اللاعب رونالد كومان من ضربة حرة
مباشرة في الوقت بدلا من الضائع.
وكان التشكيل الذي فاز بأول كأس
أوروبية للبارسا مكون من: زوبيزاريتا، نادو، فرير، كومان، خوان كارلوس،
باكيرو، سالنيس (جويكويتزا)، ستويشكوف، لادروب، جارديولا (اليكسانكو)،
اسيبيو.
ما بين ويمبلي 1992 وباريس 2006، شهد برشلونة احدث تطويرات بين اكبر انجازين له في التاريخ إلا وهما الفوز بدوري أبطال أوروبا.
أتت فترة رئاسة نونيز الطويلة إلي النهاية، وقدم النادي اكبر جهد له خلال الاحتفالات بمرور قرن علي تأسيسه.
عقب
انتهاء فترة رئاسة خوان جاسبرت التي امتدت لثلاث سنوات ما بين 2000 و2003،
قدمت انتخابات يونيو 2003 رئيسا جديدا وهو خوان لابورتا والتي شهدت فترة
رئاسته اتساعا اجتماعيا بوصول عدد الأعضاء إلي 150 ألف عضو، وانتصارات علي
ارض الملعب من خلال الفوز بلقبين للدوري المحلية ولقب لدوري أبطال أوروبا
في باريس.
وليس غريب علي برشلونة أن يكون ناديا ذو فخامة كبيرة من حيث
قائمة انتصاراته والتي يضاف إليها عوامل آخري كثيرة، فقليلة هي الأندية في
العالم كله التي أحرزت العديد من الألقاب.
وتبقي كاس العالم للأندية هي
الكأس الوحيدة التي لم تدخل متحف النادي حتى الآن، أما اكبر كاسين حصل
عليهما النادي فهما كأسي دوري أبطال أوروبا في عامي 1992 في ويمبلي و2006
في باريس.
وإذا كانت تلك هي ابرز فترات برشلونة الأوروبية، يبقي
البارسا هو الفريق الوحيد الذي شارك في جميع بطولات دوري أبطال أوروبا منذ
عام 1955، بالإضافة إلي كونه ملك الأندية الأوروبية في بطولة كاس الكؤوس
والتي يملك فيها رقما قياسيا بتحقيقها 4 مرات في التاريخ.
بالإضافة إلي ذلك، فاز برشلونة بالنسخة القديمة لكاس الاتحاد الأوربي 3 مرات أعوام 1958 و1960 و1966.
وفي
عام 1971، فاز برشلونة بهذه الكأس نهائيا بعد مباراة أقيمت بينه بصفته أول
من فاز بهذه الكأس وبين ليدز يونايتد الانجليزي الفائز بأخر نسخة لها.
سيطرة
برشلونة لم تكن في أوروبا فقط، بل كانت أيضا في اسبانيا وبالأخص في كاس
الملك الاسباني والتي فاز بها 24 مرة، وهو رقم لم يصل إليه أي نادي اسباني
آخر.
كان ومازال الدوري الاسباني من الألقاب التي وجد برشلونة صعوبة
كبيرة في الفوز بها، ولكن بفضل المستوي الرائع الذي قدمه الفريق في بضعة
مواسم في التسعينات والتي من خلالها تمكن في الفوز باللقب 6 مرات بالإضافة
إلي مرتين في آخر عامين، وصل عدد ألقاب برشلونة في الدوري المحلي إلي 18
لقبا.
صبح فريق الأحلام لنادي البارسا مثلا أعلى يصعب الاحتذاء به، وجاءت نهايته بعد أن هزم في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 1994 في أثينا.
وغادر
خوان كرويف في وسط ظروف مثيرة للجدل في عام 1996، وبعد ذلك بدأت عهد جديد
في النادي الكتالوني. وكان فوز برشلونة بكأس أبطال الكؤوس وكوبا دل راي
عام 1997 هو أولى ثمار هذا العهد. وفي الموسم اللاحق فاز البارسا بلقب
الدوري والكأس وكأس السوبر الأوروبي.
وبالرغم النتائج الجيدة التي
حققها الفريق، كان لرحيل كرويف أثرا كبير على الإدارة حيث انه خلق نوع من
الانقسام داخل النادي، مما أثر بشكل مباشر الطريقة التي يدار بها النادي.
وفي
نفس الوقت شاهد النادي تطورات جذرية في طرق تمويل كرة القدم، مثل عقد
صفقات مع العديد من الرعاة، بالإضافة إلي حقوق البث والصور والتغطية
الفردية للمباريات وإلغاء بعض البنود من عقود اللاعبين.
وفي تلك الأجواء أحتفل النادي الكتالوني بمرور مائة عام على تأسيسه، ولكن الانقسام ظل قائما، وهو ما أدى إلى نهاية رئاسة جوسيب لويس.
نجاحات غير مقنعةمع
وجود بوبي روبنسون ولويس فان جال على دكه البدلاء، استطاع الفريق أن يحقق
نتائج جيدة خصوصا في موسم 1996 -1997 حين فاز الفريق بكأس أبطال الكؤوس
بالإضافة إلي لقبين دوري متتاليين. ولكن ظل الإحساس بان نهاية عهد قد
اقتربت في الوقت الذي ازداد فيه تباعد أعضاء مجلس الإدارة. وكانت النتائج
السيئة للفريق في موسم 1999 - 2000 كافية لكي يقدم نونيز استقالته كرئيس
للنادي.
احتفالات المئويةالاحتفال
بالمئوية شرف لا تحظى به الكثير من المؤسسات، فهو أمر لا يتحقق إلا بالعمل
الجاد والاستمرارية والحفاظ على القمة. واستمرت احتفالات الفريق منذ
نوفمبر 1998 وحتى نوفمبر 1999، فكانت سنة حافلة بكافة أنواع النشاطات
وأشكال الاحتفالات.
وكان الاحتفال بمئوية البارسا يشكل الجسر بين ماض
عريق ومستقبل باهر ملئي بالآمال والطموحات. وخلال هذا العام التاريخي فاز
البرسا بدوري كل من كرة القدم وكرة السلة وكرة اليد والهوكي.
البارسا بدون رئيسبعد
أن قدم نونيز استقالته، أقيمت انتخابات رئاسية في عام 2000 وفاز بها خوان
جاسبارت الذي ظل نائبا لرئيس البارسا لمدة 22 عاما، وكان لويس باسات خصمه
المهزوم في الانتخابات.
ورغم الفوز، لم تستطع إدارة جاسبارت أن تحقق أي
نجاحات رياضية وتدهورت أحول النادي تدريجيا. وقدم جاسبارت استقالته في عام
2003 مما أصاب النادي الكتالوني بحالة عدم استقرار حتى أقيمت الانتخابات
الجديدة في شهر أغسطس. وبالرغم من أحوال النادي المضطربة، استطاع برشلونة
أن يحقق اكبر انتصاراته الرياضية بعد أن فاز فريق كرة السلة بدوري أبطال
أوروبا في شهر مايو 2003.
تعيين خوان لابورتا رئيسا للناديفي
15 يونيو 2003، أقيمت انتخابات رئاسية جديدة فاز بها محام شاب، وهو خوان
لابورتا. وكانت هذه هي بداية مرحلة جديدة لامعة تجددت فيها الآمال
والتفاؤل كان سمتها.
وشهد فريق كرة القدم توقيع اكبر نجوم العالم مثل
البرازيلي رونالدينيو والبرتغالي ديكو والكاميروني ايتو والفرنسي هنري.
ولم يستغرق الفريق المعبأ بالنجوم وقتا طويلا حتى يبدأ في حصد الألقاب
والبطولات، بداية بالدوري الأسباني عام 2004 – 2005. وكانت لحظة فوز
برشلونة بدوري أبطال أوروبا من أبرز وأهم اللحظات في تاريخ النادي ، فهذا
الإنجاز اثبت صحة المقولة الشهيرة "أكثر من مجرد نادي".
وازداد عدد أعضاء النادي بشكل كبير في تلك الفترة، ويرجع الفضل إلي مشروع "التحدي الكبير"، حتى تجاوز عددهم 150,000 عضو في عام 2006.
ويعتبر
عام 2006 من أكثر الأعوام بريقا في تاريخ البارسا حين فاز الفريق بدوري
أبطال أوروبا للمرة الثانية بعد أن فاز على ارسنال الإنجليزي بنتيجة 2 – 1
في باريس في المباراة النهائية للبطولة. وفي نفس العام تم افتتاح مجمع
خوان جامبر الرياضي في سان خوان ديسبي، ثم وقع النادي اتفاقية تاريخية مع
مؤسسة Unicef التابعة للأمم المتحدة، وتم توقيع الاتفاقية في مقرر الأمم
المتحدة في نيويورك.
عام 2007 يفتح الأبواب إلي المستقبلويزدهر
نادي برشلونة الآن بشكل ثابت، ووصل عدد أعضاء النادي لرقم قياسي جديد وهو
156,366 عضو في يونيو 2007. وتم الموافقة على البدء في إعادة بناء إستاد
الكامب نو على يد المهندس الإنجليزي نورمان فوستر. ومن المقرر أن يصبح
ملعب الكامب نو الجديد رمزا ودليلا على أن البرسا يضع المعايير المثالية
لكل شيء.
-------------------------نحْنُ فَرِيقٌ لاَ نَدْفَعُ .. نَحْنُ فَرِيقٌ نَصْنَعُ ..